نام کتاب : إعراب القرآن الكريم وبيانه نویسنده : الدرويش، محيي الدين جلد : 9 صفحه : 405
٣ ـ وفي قوله «كل
من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام» فن طريف وهو فن الافتنان ، وحدّه
أن يفتن المتكلم فيأتي في كلامه بفنين إما متضادين أو مختلفين أو متفقين ، وقد جمع
سبحانه بين التعزية والفخر إذ عزى جميع المخلوقات وتمدح بالانفراد بالبقاء بعد
فناء الموجودات مع وصفه ذاته بعد انفراده بالبقاء بالجلال والإكرام ، ومن أمثلته
في الشعر الجمع بين الغزل والحماسة ، والغزل لين ورقّة والحماسة شدّة وقوة ، كقول
أبي دلف أو عبد الله بن طاهر على اختلاف بين المؤرخين :
أحبك يا ظلوم
وأنت عندي
مكان الروح
من جسد الجبان
ولو أني أقول
مكان روحي
خشيت عليك
بادرة الطعان
فقد جمع بين
الغزل والحماسة بأرشق عبارة وأبلغ إشارة ، وقد بلغ عنترة فيه الذروة حين قال :
إن تغدفي
دوني القناع فإنني
طب يأخذ
الفارس المستلئم
فقد وصف عبلة
بستر وجهها دونه بالقناع حتى صار ما بين بصره ووجهها كالليل المغدف الذي يحول بين
الأبصار والمبصرات ، ثم قال : إنني طب بأخذ الفارس المستلئم ، أي إن تتبرقعي دوني
فإني خبير لدريتي بالحرب بأخذ الفارس الذي سترته لأمته وحالت دوني ودون مقابلته ،
فأبرز الجدّ في صورة الهزل وجاء في بيته مع الافتنان التندير الطريف ، والتعبير عن
المعنى باللفظ الشريف.